لماذا نبخل على أولادنا بالحـب؟
من البديهي إن الاهتمام بشريحة الأطفال هو ركيزة شديدة الضرورة إذا لم تكن حاسمة في إيجاد جيل قيادي فاعل ومؤثر قادر على البناء والتغيير وفي مختلف الأصعدة سواءً العلمية أو الثقافية أو الاجتماعية، والاهتمام الذي نُشير له هنا لا يقتصر على توفير الاحتياجات المادية البحتة للطفل من مأكل وملبس وما شاكل، بل هناك احتياجات معنوية من الضروري أن تُغذى وتُشبع، عبر بذل الآباء مزيداً من الاهتمام والحب للأبناء، وهذا هو عين ما وجه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصريحاً وتجسيداً بأقواله تارة وبأفعاله أخرى، إذ ورد عنه (صلى الله عليه وآله): (قبِّلوا أولادكم، فإن لكم بكل قُبلة درجة في الجنة ما بين كل درجتين خمسمائة عام) ، وأيضاً عنه (صلى الله عليه وآله): (من قبل ولده كتب اللَّه له حسنة، ومن فَرحَّه فرحَّه اللَّه يوم القيامة) ، كما حملت لنا السيرة النبوية الشريفة الكثير من الممارسات النبوية الراقية نحو ابنته الزهراء (عليها السلام) في إظهار الحب العارم، والاحترام البالغ، والتكريم الفائق، (فكانت إذا دخلت عليه رحب بها وقبّل يديها وأجلسها في مجلسه) ، وهذا الحب الذي تربت عليه الزهراء (عليها السلام) ربَّت عليه أولادها في أدنى التعاملات الحياتية فيما بينهم حتى في طريقة رد السلام على ولديها الحسن والحسين (عليهما السلام) والذي نجده ممزوجاً بكلام الحب والعطف والحنان، فتقول في محل رد السلام إذا ما سلم عليها أحد ولديها (عليهما السلام) (وعليك السلام يا ولدي ويا قرة عيني وثمرة فؤادي) وهذا درس آخر نتلقاه من أهل بيت النبوة (عليهم السلام) عبر العصور والأزمنة مفاده إن أسلوب الحديث مع الأبناء يجب أن يشتمل على كلمات الحب والتقدير حتى يشعروا ويتحسسوا بمدى أهميتهم عند آبائهم، وهذا الشعور بدون أدنى شك يترك بصمته الإيجابية على شخصية الطفل ويسهم وبشكل كبير في تعزيز ثقته بنفسه وتقوية إرادته ويؤهله إلى إدارة حياته المستقبلية خير إدارة، كما إن جو الصفاء والود الذي يحيط بالطفل من جَرّاء تعامل الأبوين الدافئ يساعده على تنمية مواهبه ويفسح له المجال لتطوير قدراته، مما يسهم برفد وضخ المجتمع بجيل كفوء مستشعر للمسؤولية وناهض بالمهام الموكلة له حتى يحدث التغيير الإيجابي في المجتمع، هذا فضلاً عن كون حب الأبناء سبب لاستحصال الرحمة واللطف الإلهية وهذا ما جاء به صادق آل البيت (عليهم السلام)عندما قال: (إنّ الله ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده) ، فلماذا إذاً البخل بالحب على أبنائنا ؟