الحوراء(عليها السلام) مجمع المناقب الفاطمية
ورثت أمها الزهراء(عليها السلام) حسبا ونسبا وفهما, نقية عصمها الباري جل وعلا بالعصمة الصغرى, أمينة هاشمية, زاهدة حكيمة, رشيدة عاقلة عالمة غير معلمة وريثة الجود والكرامة من معين الفواطم الذي لا ينضب, فاقت نساء الأرض بعد أمها الزهراء(عليها السلام) حسبا ونسبا هي فخر المخدرات ربيبة الإمامة(زينب بنت بن أبي طالب)( عليه السلام) .
عاشت الحوراء(عليها السلام)مع جدها النبي(صلى الله عليه وآله)وأمها البتول(عليها السلام) خمس أو ست سنوات في بعض الروايات, في أسرة عم الوئام والألفة أجوائه, فعايشت المحبة الروحانية الأصيلة المحيطة بتلك الأسرة النبيلة الطاهرة,المتمثل بجدها وأبيها وأمها وأخويها الحسنان(عليهما السلام), عرفت بـ (نائبة الزهراء) (عليها السلام), فهي التي نصرت الدين بوقفتها إلى جانب أبيها المرتضى (عليها السلام), فحافظت على معالم الإسلام الأصيلة والرسالة المحمدية الكريمة, فالمجالس النسائية الخاصة بتفسير القرآن وأحكامه هي الشاهدة عليها, فهي العارفة والملمة بأصول الدين , وعملت على بيان الأحكام الخاصة بالأمور المحللة والمحرمة التي تعلمتها من أبيها أمير المؤمنين(عليه السلام)، فهي سلام الله عليها من أسرة زقت العلم زقا لذلك جاء في وصف علمها ما حدثنا به إمامنا السجاد(عليه السلام): (يا عمة أنت, بحمد الله, عالمة غير معلمة وفهمه غير مفهمة) , فمجالستها للخطب والمجالس الفاطمية, جعلها خطيبة صادقة واعية فصيحة اللسان واللهجة تدعوا إلى هداية نساء الأمة, فأصبحت سيدتنا (عليها السلام) بحق مثالا يحتذى به بين المؤمنات الفقيهات, روي : ( ان نساء الكوفة طلبن من أزواجهن أن يتوسطوا لهن عند أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) ليبلغ ابنته زينب(عا) بإقامة مجالس لتدريسهن, فقبلت العقيلة سلام الله عليها ذلك الأمر, فكانت تقيم مجالس تدريسية لهن كل صباح) ,وتميزت أيضا سلام الله عليها بكمال الروح وطهارة القلب والنفس، والمستجلي لأثرها يلتمس أفضل المناقب الإمامية فهي صورة مشرقة منه, وتحملت سيدة المؤمنات هموم الآل(صلى الله عليه وآله) ولاقت مالاقت من المصائب ابتداء من وفاة جدها المصطفى انتهاء باستشهاد أخيها الحسين في معركة ألطف فسميت بـ (كعبة الرزايا) قررت العقيلة أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهة الظلم والطغيان الصريح بعد هذه الواقعة الأليمة, من خلال ممارسة دورها الرسالي ، فتفجر بركان أرادتها الإيمانية بالكثير من الصبر والاحتساب والإيمان، وجاء في وصف حزنها قصيدة الشاعر السيد حسن البغدادي:
يا قَلبَ زَينْبَ ما لاقَـيتَ مـن مِـحَــنٍ فـيـكَ الرَّزايا وكُلُّ الصَّبْرِ قَدْ جُـمِعـا
لَوْ كان ما فيكَ مِنْ صَبْرٍ وَمِنْ مِحَنٍ في قلبِ أقوى جِبِالِ الأرض لا نصدعا
يكفيك صبرا قلوب الناس كـلهــم تَـفَـطـَّرتْ للَّـذي لاقـيـتَهُ جَـزَعـاً
توفيت مولاتنا في الخامس عشر من رجب سنة (62 هـ) على رواية, وتركت في رحيلها عبرة في قلوب الموالين لأهل بيت النبي إلى يومنا هذا, فأصبح مرقدها الشريف في الشام رمزا للعزة والكرامة يقصده الموالون من كل صوب وناحية للتبرك والشفاعة فهي بضعة مولانا ولي الله ورسوله(صلى الله عليه وآله), فسلام الله عليها وحمى مرقدها الشريف من كيد المعادين لأهل بيت النبوة (عليهم السلام), وسلام الله عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.