مولاي الجواد (عليه السلام)
أيُّ حزنٍ يمد جذوره إلى أبعد نقطة في قلوب محبيك من يوم أصابك الردى بسهامه، وأنابك الدهر بنوائبه، من يوم ضاقت الدنيا عن رحبك وفضائك، ولم تعد قادرة على وسع قنواتك، من يوم أعلن أعداؤك أن الدنيا لا تتسع لإثنين، وأن الحل يكمن في نقطة سم تستقر في حبات عنب رازقي، لتعطب قلبك الكبير وتعطب قلوب محبيك ومريديك على طول العصور وتتابع الأجيال، فما زال حزنك ينتابهم كنوبات العشق الكبير حينما يستذكرون يومك الأليم، وحينما تمر عليهم صور ذلك المشهد المروع وأنت تتلوى من ألم السم على سطح الدار وحيداً، لا أحد يعينك على حمل آلامك سوى إيمانك بالله وتسليمك المطلق بقضائه وقدره، وأيضا مما هون عليك الخطب تأسيك بجدك الحسين (عليه السلام) فقد وقع في علمك أن موتك وحيداً وبقاؤك ثلاثة أيام فوق سطح الدار من دون غسل ودفن، تماماً مثله حينما بقي وحيداً فريد يواجه مصيره بنفسه، وظل على صعيد كربلاء ثلاثة أيام من دون غسل ودفن، صور مأساوية تتوالى لا تجد صداها إلا في النفوس المرهفة والقلوب الشاعرة بعظم المصيبة، ولعل الشعراء هم من أكثر الطبقات التي تتأثر تأثراً كبيراً بالحدث الجلل، فتفرزه قصائد تحكي ألم المصيبة، فهذا الشاعر الكبير مهدي جناح الكاظمي يستعرض في قصيدته الرائعة ( مولاي الجواد (عليه السلام) مصاب أتباع أهل البيت بإمامهم الجواد(عليه السلام) وكيف أن حزنهم ماكث بين الضلوع.